{ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً }
بسم الله نبدأ وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم نسير
أحبّتي في الله..
مأساة جديدة وجرح يتفجّر, ولم تندمل بعد باقي الجراح..
إنها النيجر المسلمة, التي يبيد الفقر ثلثي سكانها المسلمين, ولا يد تمتد لتمسح دمع صبي جائع, ولا همّة تتقد لتنقذ شرف مسلمة تسد رمق أولادها ببيع عرضها, ولا جهد يبذل ليحنو على عائل أسرة ترك أسرته يبحث عن كسرة خبز أو حفنة أرز يسد بها جوع أبناءه، فما يفاجأ عند عودته إلا وامرأته قد أصبحت بغياً في إحدى المدن المجاورة لتأتي لأطفالها بما يحييهم من الموت المحقق.
ما أقوله ليس وهماً أوحلماً, ولا ديباجة ممسرحة ألفت بها انتباه الجماهير, ولكنها تقارير الأمم المتحدة عن مأساة مسلمي النيجر.. فأين عمر بن الخطاب يحمل لهم أكياس الدقيق, وأين عمر بن عبد العزيز يرسل إليهم بفائض بيت المال, بل أين أين المسلمون.. أين أين المسلمون..
تشرّدت الأسر, وانتشر البغاء والتسوّل, وكثر الطلاق بسبب انتشار الزنا بين النساء واستغلال أصحاب الأموال لأعراض الصبايا الجائعات, فما أرخص عرض مسلم بحفنات من الدخن (الغذاء الرئيسي هناك وهو يشبه الأرز), كل هذا وحفلات وأعراس الخليج يذهب بعدها للمزابل ما يطعم هذا الشعب الجائع بأكمله لمدة عدة سنوات قادمة..
ياله من واقع مؤلم
أين عائد النفط الإسلامي؟ أين همتكم يا أهل الأموال؟ أين أين المسلمون؟.
لازمهم الجفاف منذ أربع سنوات فلا مطر.. ثم جاء الجراد هذا العام ليأكل البقية الباقية من الأخضر واليابس, ويترك أهل النيجر مأساة حقيقة تطل برأسها لتكشف واقع الأمة المرير, ولتضع هذه الدولة المسلمة علامة استفهام أمام مدّعي حقوق الإنسان, ولتمثل النيجر ثقلاً هائلاً أمام الله في رقاب المسلمين, خاصة أرباب الأموال منهم, مع العلم بأن النيجر يحدها من الشمال ليبيا والجزائر, ففي الوقت الذي تبيع فيه المسلمة بالنيجر شرفها ببعض الدقيق, يتّخذ الشعب الليبي من فائض الخبز الهائل علفاً للبهائم!
فهلا جدتم على إخوانكم ببعض ما تعطونه للبهائم؟؟
هذا ليس إلا عتاباً لشعبنا المسلم بأرض ليبيا الذي نناشده كما نناشد أهل الجزائر أقرب الجيران للنيجر بسرعة التحرك لإنقاذ هذه الأنفس المسلمة, في دولة يمثل المسلمون فيها 98% من تعداد السكان, والتي يبلغ تعداد سكانها قرابة الـ11 مليون نسمة..
أصبح طعامهم ورق الشجر، هذا إن وجد, حتى أن بعض النساء تتبع أسراب النمل الأبيض حتى تعرف مكان النمل لتحصل على مخزونه من الحبوب, اللهم ارفع مقتك وغضب عنا وعنهم يارب العالمين..
أحبتي في الله.. أحيوا نفوساً أهلك الجوع منها من أهلك، وكاد أن يهلك البقية الباقية, استروا أعراضاً ذهب روع الموت المحقق بشرفها، لتنال حياة ذل ومهانة وخزي ملازم لها ما بقيت..
ارحموا دموع شيوخ ركع.. لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً.. ينتظرون الموت بين عشية وضحاها، ويرون الموت المحقق في أعين الأبناء والأحفاد..
أخي أنت لست أفضل منهم، ولكنه اختبار من الله لنا ولهم, { وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرِّعُونَ } [الأعراف:94].
{ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ }..
فإن كانت فتنتك في السرّاء، فتذكّر أهل الضرّاء، واشكر نعمة الله عسى أن تنجح في اختباره؛ فهذا اختبار لنا ولهم، عسانا نشكر ونمد يد العون وعساهم يضرعون..