حقيقة معنى العدالة التى بمعنى الإنصاف يوضحها فقه اللغه إذ ان أسماء المعنويات كلها ماخوذة من أسماء المحسوسات
كما قالوا فى الأذان والإذن والإستئذان والمأذون والآذن : إن كلها يرجع إلى اسم الحاسة (الأ ُذن )
فكذلك قالوا فى العدل والعدالة والمعادلة والعادل كلها مأخوذة من اسم ( العدالة ) بكسر العين التى هى إحدى شقى البعير
والعدالة هى تعادل شقى حمل البعير فإذا اختل توازنهما وتفاوت ثقلهما مال الحمل إلى جهة الثقل
......ومنه الميل والحيف :ضد العدل والإنصاف
وعليه فالعادل هو الذى عدل فى حكمه وسوى بين طرفى القضية كصاحب البعير فى تسويته بين شقى البعير
فهو وصف عام لكل من عادل بين كل متساويين وهو الذى يضع الأمور فى مواضعها أيا كان موضوعها وأيا كان طرفاها
قال بن حجر فى الفتح "2/169-170"
وأحسن ما فسر به العادل أنه الذى يتبع أمر الله بوضع كل شىء فى موضعه من غير إفراط ولا تفريط
وقدمه الحديث فى بدايته لعموم النفع به فالعادل من العدل الذى هو ضد الظلم
كما فى قوله تعالى " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ...النساء "
والعدل من العدالة التى هى ضد الفسق كما فى قوله تعالى "وأشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله..الطلاق "
وقد يكون الحاكم عدلاً وهو كافر وعليه المثل من قول سيدنا عمر رضى الله عنه لعامله على مصر
" نحن أحق بالعدل من كسرى"
وقوله صلى الله عليه وسلم فى حق النجاشى : " فإن فيها ملكا ً عادلا ً "
وكان ذلك قبل أن يسلم فوصفه صلى الله عليه وسلم بأنه ملك عادل وقال : " لا يظلم أحد بجواره "
وعلى هذا فوصف الإمام بالعدل فى هذا الحديث أخص لأن العادل قد يكون مع الكفر سياسة للملك
أما العدل فلا يكون إلا مع الإسلام
"فكل عدل عادل وليس كل عادل عدل "
والعدالة هى مجتمع الأخلاق الفاضلة من صدق الحديث وكرم النفس والشجاعة والعلم وفعل المأمور وترك المحظور
والإمام العادل أى العدل فى نفسه ، العادل فى حكمه
..قال تعالى " الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ...الحج "
وقال تعالى " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ً يعبدوننى لا يشركون بى شيئا ًومن كفر بعد ذلك فأولئك هو الفاسقون ..النور "
وهؤلاء هم الأمناء المؤدون الأمانة :
سواء أمانة فى الحكم أو أمانة الخلق فى الحق فهم عدول فى أنفسهم عادلون فى أحكامهم
وللحديث بقية واللام عليكم ورحمة الله